- أحاديث رمضان
- /
- ٠07رمضان 1421 هـ - دراسات قرآنية
إخلاص الصحابة ومقامهم العلي عند الله عز وجل :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الأخوة الكرام ؛ حينما يقول الله عز وجل في كتابه العزيز :
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾
والذين بايعوا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة معروفين ، وقد أجمعت الروايات على أسمائهم وعددهم ، فإذا رضي الله عن صحابي جليل كيف نجد مسلماً لا يرضى عنه وكأنه يرد هذه الآية ؟ إذا كان الله عز وجل يقول في محكم كتابه :﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾
هل يجرؤ مسلم على وجه الأرض إلى يوم القيامة ألا يعتقد بكمالهم وبإخلاصهم ومقامهم العلي عند الله عز وجل ؟ هذه نقطة ، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام حينما يمدح بعض أصحابه ولا يعتقد مسلم أن هذا الصحابي مؤمن فكيف يفسر هذا ؟ أيعقل أن يقول النبي كلاماً ليس واقعياً ؟ أو أيعقل أن يكون النبي قد أُخذ ولم يتحقق من حديثه ؟ هذا مستحيل لأن الله عز وجل يقول :﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
إذاً قال تعالى :﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ﴾
المؤمن الصادق هو لله فقط لا لغير الله :
المؤمن الصادق يعتقد أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم ورضوا عنه ، أنهم متفوقون عند الله وأن النبي اصطفاه الله ، وأن الله اختار هؤلاء ليكونوا أصحابه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :
(( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ))
ولا كلمة ، هذا من أجل علو مقامهم ، ومن أجل أن الله أثنى عليهم ، ومن أجل أن النبي عليه الصلاة والسلام مدحهم بما فيه الكفاية ، فلا يقبل ولا يعقل إذا مدحهم النبي أن نذمهم نحن ، هذه واحدة نقطة ثانية في هذه السورة : الكافر يندفع بحمية جلية ، بسبب تافه وتعصب أعمى ، يتأثر بالقيم الباطلة وينحاز لجهة ليست على حق ، يقول الله عز وجل :﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾
قبل أن تندفع اندفاعاً مخيفاً ، وقبل أن تتحمس لجهة أو لأخرى ، وقبل أن تدافع عن زيد أو عبيد ، ما الذي يحركك ؟ المؤمن الصادق ليس محسوباً على أحد ، إنما هو محسوب على الله ، والمؤمن الصادق هو لله فقط لا لغير الله ، بل إن الله لا يرضى عنك أن تكون لغيره ، بل إن الله عز وجل لا يقبلك إلا إذا كنت له وحده ، أما إذا كنت لزيد أو عبيد فأنت مشرك ، وهذه نقطة ثانية .الشيء الثالث : تصور إنساناً لا يقرأ ولا يكتب يعمل في عمل متدن جداً في مشفى ، وفي أحد كبار الجراحين أجرى حوالي خمسة آلاف عملية ولم تخفق واحدة ، ومعه اختصاص نادر ، وشهادات لا تعد ولا تحصى ، وله مؤلفات ، وجاء هذا المستخدم الذي لا يقرأ ولا يكتب ولا يفهم باعه من بوعه ، واقترح على الطبيب أن يجري العملية للقلب المفتوح بطريقة مناسبة ، وجدها مناسبة هذا المستخدم ، ألا تجد هذا لا يقبل ؟ فكيف إذا اقترحت على الله شيئاً وهو خالق الأكوان ؟ فكيف إن أردت أن تعدل بعض الأحكام ؟ مثلاً قطع اليد فيه قسوة ينبغي أن يكون غير ذلك ، اكتف بالسجن ، وأن لحم الخنزير يا أخي عُقّم لا مشكلة ، كان محرماً عندما لم يكن هناك وسائل حديثة ، هذا الذي يذهب إلى بلاد الغرب ويقيم هناك ، مع الأيام يتأقلم معهم فينكر ما ينكرون ، ويثني على ما يثنون دون أن يشعر ، قيمه ومناهجه ومبادئه وعاداته يألفها شيئاً فشيئاً دون أن يشعر عن طريق التسلل ، لذلك ورد في الجامع الصغير :
(( برئت ذمة الله ممن أقام مع المشركين ))
الشيء الذي بتّ به القرآن ثابت وعلى الإنسان الابتعاد عن التعديلات والاقتراحات :
سوف تختلف عقيدته عن الوحيين الكتاب والسنة ، وسوف ينحرف في عقيدته وسلوكه لذلك :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾
لا تقدم تعديلات واقتراحات ، الشيء الذي بت به القرآن ليس فيك ذرة إيمان إذا أردت أن تبدل أو تغير لأن الله عز وجل ماذا يقول ؟ يقول :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ﴾
وهذا أشد أنواع النفي .﴿ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
أحياناً أثناء المفاوضات مع العدو يقول لك : هذه النقاط ليست خاضعة للبحث ، ولا نقبل أن تدرج في جدول الأعمال ، شخص قوي لكنه عادي لا يقبل في بعض المعطيات أن تدرج في جدول الأعمال ، ليست قابلة للبحث إطلاقاً ، والمؤمن الصادق الذي جاء حكمه في القرآن والسنة صراحة لا يقبل أن يطرح على بساط البحث ، لكن حكمته ليس جامداً ، أما أن يقبل أن يُلغى شيء أو يعدل شيء ويضاف على شيء فهذا معناه اتهام لهذا الدين بالنقص أو بالزيادة .شيء آخر : سئل عليه الصلاة والسلام : ما هذا الأدب ؟ أدب المؤمن عالٍ جداً ، طبعاً أدب الأنبياء قمم ، قمة في الأدب ، سيدنا يوسف عندما التقى أخوته قال :
﴿ حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾
في السجن لا يوجد خطر ، حياة السجين مضمونة ، الخطر الكبير قال لئلا يذكرهم بعملهم تجاوز عن اللب وذكر السجن ! ثم إنه برأهم لطفاً قال :﴿ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾
أرأيت إلى هذا الأدب ؟ الأنبياء عندهم أدب لا يصدق ، وكل مؤمن على اتصال بهؤلاء الأنبياء العظام على أدب ، قال : يا بني نحن إلى أدبك أحوج منا إلى علمك .كلما ارتقى إيمانك ارتقى أدبك :
الإيمان كله أدب ، ولا حياء في الدين ، لها تفسير دقيق جداً الدين كله حياء ! كيف هذا ؟ انظر إلى كلام الله عز وجل :
﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا﴾
﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ﴾
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾
كل الانحراف بهذه الكلمة ، فلذلك الأدب شيء مهم جداً ، ويكاد الأدب أن يكون مرافقاً للإيمان ، فكلما ارتقى إيمانك ارتقى أدبك ، لا يعقل لمؤمن أن يقول كلمة بذيئة ، ولا أن يذكر عورة ، ولا أن يلقي فرصة جنسية ، ولا أن يغش في كلامه ، أو يحرج شاباً بريئاً مستحيل ، قد تعاشر مؤمناً مدة ثلاثين عاماً لا تسمع منه كلمة تخدش الحياء أبداً ، واللغة واسعة جداً ، يمكن أن تعبر عن كل شيء بكلام لطيف طيب لا يخدش الحياء ، أما هذا الذي يضحك أشد الضحك في طرفة جنسية أو يذكر أسماء العورات بلسانه أو يتكلم بكلمات بذيئة هذا بعيد بعد الأرض عن السماء عن أن يكون في المستوى المقبول عند الله .﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾
أنا دُهِشت ورد في الأثر :(( أن النبي عليه الصلاة والسلام جاءه وهو يخطب وفد بينهم رجل نادر بجماله ، وجه مشرق ، طويل القامة فالنبي بعد انتهائه من الخطبة والصلاة قال : من الرجل ؟ قال : أنا زيد الخيل ، قال : بل أنت زند الخير وانطلق به إلى بيته ، من أندر الرجال في الجاهلية ، هذا جاءه مسلماً في بيته قال : دفع له النبي وسادة ليتكئ عليها قال : والله لا اتكئ في حضرتك ))
هكذا لا أجلس أمامك ! أرأيت إلى هذا الأدب ؟ متى تعلم ؟ فكلما كنت أديباً في المسجد ، النبي عليه الصلاة والسلام ما رئي ماداً رجليه قط ! إلا إذا كان معذوراً فلا مشكلة ، أنا لا أقول عن المعذورين أبداً ، أحياناً يكون هناك التهاب مفاصل لا تستطيع ثني ركبتيك ، لكن أدب جم ، كان لا يواجه أحداً بما يكره ، كان إذا خطب يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ؟﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾
المؤمن حينما يتوب إلى الله ويصطلح معه يملأ قلبه طمأنينة وإشراقاً :
قال تعالى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾
من أجمل ما قرأت عن هاتين الآيتين : بعد أن انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى ما علاقتنا بهاتين الآيتين ؟ قال : لا تقدم اقتراحاً فوق السنّة ، لا تبدي اعتراضاً على السنّة ، هذا رفع الصوت ، لو تكلمت بهذا بصوت منخفض ، لكنك تعترض على السنّة تقول : ليت النبي لم يقُلها، هو قالها في ظرف غير هذا الظرف ، نحن في ظروف أخرى ، لا فالله أمرك أن تطيعه في كل الأحوال .﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾
أخواننا الكرام ؛ قد يعجب الإنسان أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . . إِنَّمَا قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ . . ))
طبعاً هذا الشيء لصالحنا جميعاً ، قلبك بيد الله ، أنت حينما تتوب إلى الله وتصطلح معه يملأ قلبك طمأنينة وإشراقاً وتفاؤلاً ، تجد المؤمن بعد التوبة حاله غير طبيعي ، مسرور ومتفائل لأن الله فعل هذا أعانك على نفسك ، حينما تتخذ قراراً صائباً يملأ قلبك طمأنينة وبشراً وتفاؤلاً وراحة ، وحينما تتخذ قراراً خاطئاً يعينك على نفسك يملأ قلبك ضيقاً تنزعج ، فهذا الضيق من خلق الله ، دعماً لك ، وهذا البشر والسرور من خلق الله دعماً لك على قرارك الصائب ، فأن يكون قلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن هذه لصالحنا ، والدليل :﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾
خيار الإيمان خيار وقت لا خيار قبول أو رفض :
يا أيها الأخوة : آية دقيقة جداً :
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾
ما لم يك انتماؤك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً ، فالانتماءات الضيقة هذه عصبية وجاهية ، أن تنتمي لجماعة فقط ، أن تنتمي لجامع فقط أو لفرقة فقط ، لا أنت تنتمي لكل المؤمنين ، أي مؤمن على سطح الأرض في القارات الثلاث ، إذا كانت عقيدته سليمة وسلوكه سويّ وفق منهج الله ، هو أخوك في الله ، أما كل عداوة بين المؤمنين بسبب اختلاف انتماءاتهم الصغيرة هذه عداوة شيطانية ، في أي بلد .﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾
أخواننا الكرام ؛ كنت أقول لكم دائماً أنت لك خيارات كثيرة ، بعض هذه الخيارات خيار قبول أو رفض ، ولكن خيار الإيمان خيار وقت لا قبول أو رفض ، من أكثر كفار الأرض؟ فرعون الذي قال : أنا ربكم الأعلى وما علمت لكم من إله غيري ، الذي جاء بنظرية لا إله في الأرض ، الآن نبشوا قبره ، أكثر كفار الأرض عند الموت يؤمن ، فهذا يعني أن الإيمان حاصل، فيجب أن تؤمن قبل أن تموت في الوقت المناسب ، فإيمانك ليس خيار قبول أو رفض ، خيار وقت فقط ، هذه نقطة خطيرة جداً .الحقائق التي جاء بها الأنبياء أكفر كفار الأرض تكشف لهم عند الموت .
﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
هنيئاً وألف تهنئة لمن عرف الحق قبل أن يلقى الحق ، لمن عرف الحق وهو حي وشاب أو وهو كهل ، لمن عرف الحق قبل أن يموت فالتزم به ، استحق جنة ربه إلى أبد الآبدين ، أما كل كفار الأرض سيعرفون الحق عند الموت ولكن هذه المعرفة لا تنفعهم ولا جدوى منها .﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾
هل لديك أقرب من خاطر ورد إليك ؟ أنت الآن تجلس بمجلس بعدما ينتهي الدرس سأزور أختي ، وأنت صامت ، خاطر ، قال : الله بينك وبين هذا الخاطر ! لذلك أعظم إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان ، إذا علمت أن الله معك دائماً وهو مطّلع عليك وعلى سرائرك انتهى الأمر ، استقمت ، أفضل إيمان هذا الإيمان ، اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .الإحسان صفة جامعة مانعة قاطعة :
آخر نقطة أخواننا الكرام : هؤلاء المتقون ورد ذكرهم في سورة الذاريات :
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾
هم في الجنة ، ما ثمن هذه الجنة ؟ قال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ﴾
صفة جامعة مانعة قاطعة ، محسن في كل شيء ، في اختصاصه ، في عمله وهندسته وطبه وتعليمه ، في علاقاته مع زوجته وأبنائه وجيرانه ، علاقاته مع من فوقه أو تحته .﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ﴾
لماذا كانوا بهذا الإحسان ؟ إحسان طوعي من الداخل قال :﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾
قيام الليل قال :﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾
لابد من قيام الليل ولو ركعتان ، عود نفسك قبل الفجر أن تصلي ركعتي قيام ليل .﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
هذه الأحوال الطيبة من أين جاءتهم ؟ قال :﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾
ينفق ، إنفاقه في النهار أنقذه في الليل ، لا تعصه في النهار يوقظك في الليل ، وتهجدك في الليل جعلك محسناً ، وإحسانك أدخلك الجنة ، تسلسل . ما الذي دفعه لإنفاق أمواله في سبيل الله ؟ لأن الآيات صارخة :﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
لماذا لم يقلقوا على أرزاقهم وتغمرهم حرفهم وتمتصهم مشكلاتهم ؟ قال :﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾
شيء جميل جداً هم في الجنة لأنهم كانوا محسنين ، ولأنهم كانوا يتهجدون الليل كانوا محسنين ، ولأن لهم أعمالاً طيبة في النهار ، استيقظوا في الليل ، المنافق ينام كالدابة ، ويأكل مثل الوحش ، ولأنهم فكروا في خلق السماوات والأرض فتقربوا إلى الله ، ولأنهم آمنوا أن أرزاقهم بيد الله فلن يقلقوا لأرزاقهم .نص الزوار
إخفاء الصور
